مركز بداية

أفضل تمارين لتحسين البلع بعد السكتة الدماغية

يعاني العديد من الأشخاص بعد الجلطة الدماغية من صعوبة في البلع (أو ما يعرف بعسر البلع Dysphagia) نتيجة تأثر الأعصاب والعضلات المسؤولة عن هذه العملية، حيث تُظهر الدراسات أن حوالي 37% إلى 78% من مرضى السكتة الدماغية يُصابون باضطرابات في البلع​، وتتجاوز تأثيرات هذه المشكلة إلى ما هو أبعد من الأكل والشرب، لتمد إلى مضاعفات خطيرة مثل الالتهابات الرئوية وسوء التغذية والجفاف نتيجة صعوبة تناول الطعام والسوائل بشكل كافٍ.​

لذلك يلجأ البعض إلى تمارين إعادة تأهيل البلع التي تهدف إلى تحسين قوة العضلات والتنسيق العصبي العضلي لعملية البلع، مما يساعد المرضى على استعادة قدرتهم على الأكل والشرب بأمان، وهذا ما سنتناوله في مقالنا اليوم.

أهمية التمارين لتحسين البلع بعد السكتة الدماغية

تعمل تمارين البلع من خلال تقوية العضلات المشاركة في البلع (مثل اللسان والشفاه والحنجرة وعضلات الرقبة) وتحسين نطاق حركتها واستجابتها. كما أن التكرار المنتظم لهذه التمارين يحفّز عملية المرونة العصبية في الدماغ (وهي قدرة الدماغ على إعادة تنظيم نفسه وتعلّم مهارات جديدة أو استعادة المهارات المفقودة​).

أي أن التمرّن على البلع بشكل متكرر يعطي الدماغ فرصة لإعادة بناء مسارات عصبية للتحكم بالبلع، مما يؤدي إلى تحسين دائم في هذه الوظيفة. وقد أظهرت دراسة أن برنامجًا مكثفًا لتمارين اللسان لمدة 8 أسابيع مكّن مرضى الجلطة المصابين بعسر البلع من زيادة قوة ألسنتهم وتحسين ضغط البلع لديهم، مما انعكس إيجابًا على حماية مجرى الهواء من تسرب الطعام أو السوائل وتقليل مخاطر الاختناق​ والالتهابات الرئوية.

كل هذه المعطيات تؤكد أن تمارين البلع ليست مجرد حركات بسيطة، بل هي علاج تأهيلي فعّال يساعد في استعادة القدرة على الأكل والشرب بأمان والوقاية من المضاعفات الخطيرة.

أفضل تمارين لعلاج عسر البلع بعد السكتة الدماغية

فيما يلي مجموعة من تمارين البلع العلاجية التي يمكن للمرضى ممارستها بعد استشارة أخصائي التخاطب والبلع. هذه التمارين عملية ومبسطة، يمكن أداؤها في المنزل بعد التوجيه الأولي من المختص، وبعضها يستحسن أن يتم تحت إشراف لضمان الأداء الصحيح وتجنب أي مضاعفات:

1. تمرين دفع اللسان (تقوية عضلات اللسان)

يلعب اللسان دورًا رئيسيًا في تحريك الطعام داخل الفم وتحضيره للبلع. وقد يؤدي ضعف عضلات اللسان بعد الجلطة إلى صعوبة في نقل الطعام وتوليد القوة اللازمة لدفعه نحو البلعون. ويهدف تمرين دفع اللسان إلى تقوية عضلة اللسان وزيادة مدى حركتها، وبالتالي تحسين قدرة البلع بشكل عام وتقليل مخاطر دخول الطعام إلى مجرى التنفس​ (أي الحد من الشرقة والاختناق).

تمرين تقوية عضلات اللسان

خطوات التمرين: يمكن أداء عدة حركات لتقوية اللسان وتحسين مرونته، ومنها:

  • مد اللسان إلى أقصى مدى: أخرج لسانك من الفم قدر المستطاع إلى الأمام، وكأنك تحاول لمس الذقن بطرف اللسان. حافظ على اللسان ممدودًا لبضع ثوان ثم أعده إلى وضعه الطبيعي. كرّر ذلك 5-10 مرات. هذا التمرين يساعد على إطالة عضلة اللسان وزيادة مرونتها​.
  • تحريك اللسان جانبيًا: مد لسانك للخارج ثم حرّكه باتجاه زاوية الفم اليمنى مع إبقائه ممدودًا قدر الإمكان. اثبت لثانيتين ثم حرّكه إلى زاوية الفم اليسرى واثبت لثانيتين​. كرّر الحركة ذهابًا وإيابًا 10 مرات. هذا التمرين يزيد من قدرة اللسان على الحركة الجانبية مما يساعد في جمع الطعام من جوانب الفم وتحريكه.
  • الضغط باللسان على سقف الحلق: ضع طرف لسانك على سقف الحلق الصلب تمامًا خلف الأسنان الأمامية العلوية. ثم اضغط اللسان بقوة نحو سقف الحلق قدر الإمكان​. حافظ على الضغط لمدة 2-3 ثوانٍ ثم ارخِ اللسان. كرر التمرين 5-10 مرات. يمكنك أن تتخيل أنك تحاول دفع سقف الحلق بلسانك. هذا التمرين بمثابة تمرين مقاومة للسان، حيث تقوي الضغط العضلي للسان لأقصى درجة. مع التكرار المنتظم، يُتوقع تحسن قدرة اللسان على دفع الطعام أثناء البلع.
  • تمرين اللسان للخلف والأمام: كتمرين إضافي، حرك لسانك من وضعيّة إخراجه خارج الفم (إلى الأمام) ثم اسحبه عميقًا إلى الخلف داخل الفم باتجاه الحلق. كرر الحركة الأمامية والخلفية 5-10 مرات. هذا التمرين يساعد في تقوية الجزء الخلفي من اللسان المسؤول عن دفع اللقمة نحو البلعوم.

ملاحظة: أثناء أداء تمارين اللسان، تأكد من التنفس بشكل طبيعي عبر الأنف، وأن لا يكون هناك طعام أو شراب في الفم. قد يشعر المريض بتعب خفيف في اللسان والفك بعد التمرين، وهذا أمر طبيعي يدل على عمل العضلات. مع الوقت والتدريب اليومي (مثلاً بحدّ أدنى ثلاث مرات يوميًا)، سيلمس المريض تحسّنًا في قوة حركة لسانه وفي قدرته على التحكم بالبلع. ينصح دائمًا بالبدء بتمارين اللسان تحت إشراف أخصائي النطق للتأكد من تأديتها بشكل صحيح، ثم يمكن للمريض متابعة التمرين في المنزل بأمان.

2. تمرين الصوت

يمكن لتدريبات الصوت أن تساهم في تحسين البلع. إذ ترتفع الحنجرة للأعلى أثناء البلع لتساعد على إغلاق مجرى التنفس وفتح المريء، وقد يؤدي ضعف السيطرة على الحنجرة أو العضلات المحيطة إلى ارتفاع غير كافٍ للحنجرة أثناء البلع، مما يزيد من خطر دخول أجزاء من الطعام أو الشراب إلى مجرى التنفس.

تحسّن تمارين الصوت عضلات الحلق والحنجرة وتُحسّن انسيابية الحركة بينها وبين عملية البلع. كما أن تمارين الصوت تساعد في زيادة احساس وتحكم المريض في عضلات البلعوم. على سبيل المثال، تمرين تصعيد طبقة الصوت (Pitch Gliding) يستهدف مباشرة تحسين قدرة الحنجرة على الارتفاع، وهي حركة جوهرية لعملية البلع السليمة​.

خطوات التمرين: يمكن القيام بعدة أنشطة صوتية مفيدة لعضلات البلع، منها:

  • تمرين أحرف العلة: اطلب من المريض نطق أحرف العلة (الأصوات المتحركة) بشكل واضح وقوي. على سبيل المثال، يمكن تكرار الصوت “آاااه” ثم “ييیی” ثم “وااو”، كل منها لمدة 2 ثانية وبصوت جهوري قدر الإمكان. كرّر كل صوت 5 مرات متتالية. هذا التمرين يشغل عضلات الحلق واللسان والشفاه. تأكّد أن المريض يأخذ نفسًا عميقًا قبل النطق، ويخرج الصوت من الحلق لا من الأنف. يمكن أيضًا تجربة قراءة كلمات وجمل قصيرة بصوت مرتفع نسبيًا لتركيز التدريب على عضلات النطق والبلع معًا.
  • تمرين تصعيد الصوت (Pitch Gliding): هذا التمرين متخصص لتحريك الحنجرة وتحسين ارتفاعها وانخفاضها. خطوات التمرين: خذ نفسًا عميقًا ثم ابدأ بإصدار صوت “إي…” بنغمة منخفضة (قرار). بعد ذلك، حرّك صوتك تدريجيًا من النغمة المنخفضة إلى نغمة عالية حادة قدر المستطاع خلال نفس واحد​. أي اجعل صوت “إي” يرتفع شيئًا فشيئًا من الطبقة المنخفضة إلى الطبقة العالية واستمر بالصوت العالي لبضع ثوانٍ في نهاية المدى.
تمارين تحسين البلع بعد الجلطة

ثم أعد التنفس وكرر التمرين 5-10 مرات. هذا التمرين يُشبه تمارين الإحماء الصوتي للمغنيين، لكنه أيضًا يقوّي عضلات الحنجرة والبلعوم المسؤولة عن رفع الحنجرة. فالحنجرة أثناء الصوت العالي ترتفع للأعلى بشكل مشابه لحركتها أثناء البلع​، مما يُمرّن العضلات على الارتفاع الكافي. بمرور الوقت، يساعد ذلك في تحسين انغلاق مجرى الهواء أثناء البلع وحماية الرئتين.

ملاحظة: يجب أن تكون تمارين الصوت مناسبة لقدرات المريض الصوتية؛ فلا نضغط عليه إن كان يُعاني من مشاكل في الصوت. يمكن لأخصائي التخاطب والبلع تعديل هذه التمارين (مثل تغيير الأصوات أو درجة ارتفاعها) وفقًا لحالة كل مريض. من المهم أيضًا راحة المريض بين التمارين الصوتية؛ إذ أن هذه التمارين قد تُسبب بعض الإرهاق للحنجرة إن أُديت بشكل مكثّف. وعلى المريض أن يشرب رشفة ماء بعد كل مجموعة تمارين صوتية للحفاظ على رطوبة الحلق. مع التدريب المستمر، ستُصبح عضلات الحنجرة أقوى وسيشعر المريض أن البلع أصبح أكثر تنسيقًا وسهولة.

3. تمرين البلع بقوة

تمرين البلع بالقوة (Effortful Swallow) هو حركة مباشرة لتحسين البلع، حيث يتدرب المريض على عملية البلع نفسها ولكن ببذل جهد عضلي إضافي في كل محاولة بلع. الفكرة هي أن المريض يشد عضلات اللسان والبلعوم والحنجرة بقوة متعمّدة أثناء البلع لتوليد ضغط أعلى يساعد على دفع الطعام أو اللعاب بشكل أكثر فعالية عبر الحلق وإلى المريء​.

يفيد هذا الجهد الإضافي في عدة جوانب: فهو يقوّي عضلات البلع عبر التكرار، ويحسّن إفراغ البلعوم من بقايا الطعام (لأن الضغط القوي يقلّل ما يتبقى من الطعام في الحلق بعد البلع)، كما يساعد على إغلاق أفضل للحنجرة أثناء البلع مما يقلل احتمال شفط الطعام إلى القصبة الهوائية.

Screen Shot 2022 01 27 at 11.45.34 AM

خطوات التمرين:

  • اجلس بشكل مستقيم أو قف (الوضعية المستقيمة تساعد في البلع). خذ رشفة صغيرة من الماء أو لُعاب (يفضل البدء باللعاب أولًا لضمان الأمان).
  • ضع في ذهنك أنك على وشك بلع شيء كبير أو ثقيل. على سبيل المثال، تخيّل أنك تبلع لقمة طعام جافة وكبيرة أو حتى كرة صغيرة بحجم حبة العنب. هذا التخيل يساعدك على تجنيد أكبر قدر من القوة أثناء البلع.
  • الآن، ابلع بقوة قدر الإمكان: اضغط بلسانك بقوة على سقف الحلق أثناء البلع​، واشعر بعضلات حلقك وهي تنقبض بإحكام. حاول أن تعصر الحلق أثناء عملية البلع كما لو أنك «تعصر» الطعام نزولًا. قد تلاحظ أن تفاحة آدم ترتفع أكثر من المعتاد مع هذا الجهد. هذا جيد لأنه دليل على أن الحنجرة ترتفع بشكل كافٍ.
  • بعد الانتهاء من البلع، اسحب نفسًا جديدًا بهدوء عبر الأنف. انتظر بضع ثوان وكرر التمرين. استهدف أداء 5 إلى 10 بلعات قوية متتالية إن أمكن، مع أخذ فواصل قصيرة بين كل بلعة وأخرى إذا لزم الأمر.

أثناء هذا التمرين، تأكّد من عدم وجود طعام حقيقي في الفم (إلا إذا كنت تحت إشراف متخصص ويطلب منك البلع بطعام أو سائل محدد بكميات ضئيلة). يكفي استخدام اللعاب أو الماء في التدريب. ربما يشعر المريض بأن البلع صعب جدًا أثناء المحاولة الأولى للبلع القوي، وهذا طبيعي لأننا نطلب منه جهدًا عضليًا غير معتاد.

4. تمرين تقوية عضلات الرقبة

أثناء البلع الطبيعي، تقوم مجموعة من العضلات تقع أعلى وأسفل العظم اللامي (في قاعدة الفك السفلي وأعلى الرقبة) برفع اللسان والحنجرة إلى الأعلى والأمام. هذه الحركة ضرورية لفتح العضلة العاصرة العليا للمريء (مدخل المريء من الحلق) والسماح بمرور الطعام.

قد تضعف هذه العضلات (وتسمى عضلات فوق الحنجرة أو عضلات تحت الفك) لدى مرضى الجلطة مما يسبب بقاء فتحة المريء ضيقة وصعوبة انتقال الطعام من الحلق إلى المريء، بالإضافة إلى ضعف في ارتفاع الحنجرة. تمرين «شاكر» (Shaker Exercise) أو تمرين تقوية عضلات الرقبة الأمامية هو تمرين ابتُكر خصيصًا لتقوية هذه العضلات المهمة. من خلال زيادة قوة وتحمّل العضلات تحت الفك والرقبة، يساعد «تمرين شاكر »على رفع الحنجرة بشكل أفضل وفتح المدخل العلوي للمريء بصورة أوسع ولمدة أطول أثناء البلع​.

والنتيجة بلع أسهل وأأمن حيث يمر الطعام إلى المريء بسلاسة أكبر ويقل احتمال عودته أو دخوله مجرى التنفس. أكدت دراسات سريرية فعالية هذا التمرين، فمثلاً وجد الباحثون تحسنًا ملحوظًا في قدرات البلع وتقليل مستوى اضطراب عسر البلع لدى مرضى السكتة الدماغية بعد تدريبهم على تمرين شاكر​.بل وأظهرت بعض الأبحاث أن هذا التمرين يساعد المرضى على العودة للتغذية الفموية (عن طريق الفم) بشكل أسرع ويقلل الاعتماد على أنابيب التغذية

تمرين شاكر لتحسين البلع بعد الجلطة

وخطوات التمرين (طريقة تمرين شاكر التقليدية):

  • وضع البداية: استلقِ على ظهرك فوق سطح مستوٍ (سرير أو بساط على الأرض). لا تستخدم وسادة تحت الرأس؛ يجب أن يكون الرأس على مستوى الجسد. أبقِ ذراعيك مسترخيتين إلى جانب جسمك. هذه الوضعية تسمح لعضلات الرقبة بالعمل ضد الجاذبية أثناء التمرين.
  • رفع الرأس للأمام: بدون أن ترفع كتفيك عن الأرض، قم برفع رأسك وذقنك باتجاه صدرك. تخيل أنك تحاول النظر إلى أصابع قدميك أو إلى نهاية سريرك​. ستشعر بشد في مقدمة رقبتك أسفل الذقن، هذه العضلات التي نريد تقويتها. تأكد أن كتفيك ثابتان ملاصقان للسطح وأن عملية الرفع تتم بالرأس والعنق فقط.
  • الثبات: حاول الإبقاء على رأسك مرفوعًا في هذا الوضع لمدة ثانية إلى ثانيتين في البداية (أو وفق قدرة المريض). مع تحسّن القوة يمكن زيادة مدة الثبات تدريجيًا (بعض البروتوكولات تقترح الوصول إلى 5 ثوانٍ أو أكثر لكل رفعة، لكن ابدأ بالتدريج).
  • إنزال الرأس: أخفض رأسك ببطء حتى يلامس الأرض ثانيةً. تأكد من العودة لوضع الاستلقاء بهدوء دون ارتطام الرأس.
  • التكرار: كرر رفع وخفض الرأس بهذه الطريقة 5 مرات متتالية إن أمكن. ثم خذ استراحة لبضع دقائق وكرر مجموعة أخرى. الهدف على المدى البعيد قد يكون أداء 3 مجموعات من 5-10 تكرارات وفق قدرة المريض وتحمله.

هذا التمرين يعتبر مرهقًا نسبيًا في البداية لأن عضلات الرقبة الأمامية قد تكون ضعفت كثيرًا بسبب قلة الاستخدام بعد الجلطة. من المهم مراقبة المريض: يجب إيقاف التمرين مؤقتًا إذا شعر بدوار أو إجهاد شديد في الرقبة، والراحة ثم المحاولة لاحقًا أو في يوم آخر. بالتدريج، سيشعر المريض بأن رقبته أصبحت أقوى وأن عملية البلع تتحسن (مثلاً قد يصف أنه بات يبلع اللقمة بكفاءة أكبر ودون أن تعلق في الحلق).

5. مناورة مندلسون (Mendelsohn Maneuver)

«مناورة مندلسون» هي تقنية متقدمة نسبيًا لإعادة تأهيل البلع، يتم تدريب المريض عليها بمساعدة أخصائي النطق أو البلع. تستهدف هذه المناورة تحسين تنسيق مرحلة البلع في البلعوم وتعزيز فتح العضلة العاصرة العلوية للمريء عبر إطالة مدة ارتفاع الحنجرة خلال البلع.

ترتفع الحنجرة بشكل لحظي وسريع في البلع الطبيعي ثم تنخفض فور مرور اللقمة. يتعلم المريض في «مناورة مندلسون» إبقاء الحنجرة مرفوعة عمدًا لثانية أو ثانيتين إضافيتين في قمة مرحلة البلع قبل أن يسمح لها بالانخفاض. هذا الإطالة الزمنية تؤدي إلى بقاء البلعوم العلوي مفتوحًا لوقت أطول​، مما يتيح مرور الطعام بشكل كامل إلى المريء ويقلل احتمال أن بعضه لم يعبر ويعود للبلعوم أو يدخل مجرى التنفس. كذلك، تساعد المناورة على تمرين عضلات الحنجرة والبلعوم على العمل بتناسق ولفترة أطول، مما يقوّي قدرتها على التحكم أثناء البلع الطبيعي.

مناورة مندلسون Mendelsohn Maneuver

خطوات التمرين:

  • تهيئة الوضع: اجلس بشكل مستقيم.
  • المراقبة باليد (اختياري): يمكن أن تضع أصابع يدك (السبابة والوسطى) برفق على حلقك أمام الحنجرة (منطقة تفاحة آدم) لتتحسّس حركتها صعودًا وهبوطًا. هذا ليس ضروريًا ولكنه مفيد لتشعر بوضوح متى ترتفع الحنجرة ومتى تبدأ بالنزول.
  • بدء البلع: ابلع اللعاب كالمعتاد في البداية، ستشعر بأن حنجرتك ترتفع سريعًا إلى أعلى نقطة. عند وصول الحنجرة لأعلى مستوى (في منتصف البلع تقريبًا)، أوقف حركة البلع إراديًا! بمعنى، حافظ على الحنجرة مرتفعة ولا تدعها تنزل مباشرة. قد يتطلب ذلك شد عضلات الرقبة والحنجرة لإبقاء التفاحة مرتفعة. تخيل أنك تحبس حركة البلع في منتصفها.
  • الثبات: حافظ على ارتفاع الحنجرة لمدة 2 إلى 3 ثوانٍ. قد تشعر بتوتر في عضلات حلقك أسفل الذقن، هذا متوقع. خلال هذا الوقت سيكون مجرى المريء مفتوحًا على مصراعيه.
  • إكمال البلع: بعد انقضاء 2-3 ثوانٍ، أكمل البلع بترك الحنجرة تنخفض وإتمام بقية الحركة. تأكد من انتهاء البلع تمامًا ومن أنك تستطيع التنفس بشكل طبيعي بعده.
  • التكرار: خذ بضع أنفاس للاسترخاء، ثم حاول تكرار التمرين. حاول أداء 5 محاولات خلال الجلسة الواحدة، مع فواصل راحة بين المحاولات حسب الحاجة.

هذه المناورة تحتاج بعض التدريب حتى يتقنها المريض، ومن الشائع أن يجد صعوبة في توقيت إبقاء الحنجرة مرفوعة في المحاولات الأولى. وجود الأخصائي مهم في البداية ليعطيه تنبيهًا عندما ترتفع الحنجرة («ابقها…ابقها..حسنًا أكمل البلع»). بعد فهم الطريقة، يمكن للمريض ممارستها تحت إشراف خفيف ثم بشكل مستقل.

كما يُنصح بعدم تجربة هذه المناورة مع الأطعمة، بل يكتفى فقط باللعاب، لتجنب خطر الاختناق.

بالطبع ينبغي الاستمرار بالتمرين حسب إرشادات العلاج، خاصة في الحالات الشديدة. من المهم الإشارة إلى أن هذه المناورة يجب تطبيقها بحذر؛ إذا شعر المريض بأي اختناق أو سعال شديد أثناء المحاولة، عليه التوقف وأخذ نفس والاستعانة بالأخصائي قبل الاستمرار.

6. تمرين تثبيت اللسان (تمرين ماساكو Masako)

تمرين «ماساكو» هو أحد تمارين البلع المتقدمة التي تستهدف بشكل خاص عضلات البلعوم الخلفية. الفكرة في هذا التمرين هي جعل عملية البلع أصعب عمدًا بواسطة تثبيت اللسان خارج الفم أثناء البلع، مما يضطر العضلات الأخرى في الحلق والبلعوم لبذل جهد أكبر لتعويض غياب مساهمة اللسان.

في البلع العادي، يساعد اللسان بشكل كبير في دفع الطعام للخلف وفي بدء حركة البلعوم. عند تثبيت اللسان (منعه من الحركة)، تعمل عضلات جدار البلعوم الخلفي بقوة أكبر لسحب الطعام نحو الأسفل. هذا التمرين يقوّي عضلات الحلق المسؤولة عن دفع الطعام إلى المريء ويُحسّن اتساع حركة البلعوم.

خطوات التمرين:

  • اجلس بشكل مستقيم وخذ نفسًا مريحًا. أخرج لسانك خارج فمك قدر المستطاع ولكن بشكل مريح (ليس لدرجة الألم).
  • ثبت لسانك في هذا الوضع: يمكنك تحقيق ذلك بعدة طرق. الطريقة الشائعة هي أن تعض بلطف شديد بطرف أسنانك الأمامية (القواطع) على جزء من اللسان الخارج للإمساك به​. لا تعض بقوة كي لا تؤذي اللسان؛ الهدف مجرد تثبيته ومنعه من التراجع. إذا كان ذلك صعبًا، يمكن أيضًا الإمساك بطرف اللسان بين الشفتين أو حتى استخدام منديل نظيف للإمساك باللسان بالأصابع (مع الحرص على النظافة). المهم أن يبقى جزء من اللسان خارج الفم ولا يتحرك للخلف أثناء التمرين.
  • حاول البلع بينما لسانك ثابت: الآن قم بمحاولة بلع ريقك (اللعاب) في هذه الوضعية. ستلاحظ أن الأمر أصعب من المعتاد وأن عضلات حلقك تبذل جهدًا أكبر لسحب اللعاب للخلف لأن اللسان لا يساعد. قد تشعر بشد قوي في حلقك، هذا هو المطلوب حيث تعمل العضلات بجهد​. من الطبيعي أيضًا أن تشعر بقليل من الانزعاج أو الحرقة الخفيفة في الحلق إذا كررت التمرين عدة مرات؛ هذا دليل على أن العضلات تعمل وتتحرك.
  • كرر التمرين: اترك لسانك ليعود لحظيًا لترطيب الفم إذا أردت، ثم أعد تثبيته بنفس الطريقة وكرر عملية البلع 5 مرات متتالية أو بقدر ما تستطيع حسب توجيهات المختص. مع التحسن يمكن زيادة العدد تدريجيًا.
تمرين ماساكو Masako

ملاحظات:

تأكد من عدم وجود أي طعام أو شراب في فمك عند أداء تمرين ماساكو، إذ يجب أن يتم على الريق أو اللعاب فقط، لأن وجود طعام قد يزيد خطر الشرقة نظرًا لأنك تمنع اللسان من التحكم في عملية البلع.

قد يشعر المريض بصعوبة بالغة في البلع أثناء هذا التمرين وهذا متوقع. إذا كنت غير قادر على البلع إطلاقًا مع تثبيت اللسان، حاول إخراج اللسان لمسافة أقصر (لا تبالِغ في مَدّه)، أو خذ كمية لعاب أقل (جفّف فمك قليلًا). الهدف هو أن تتمكن من تنفيذ حركة بلع محدودة على الأقل ليكون للعضلات فرصة للعمل.

تمرين ماساكو لا يُطبّق أثناء تناول الطعام فعليًا، بل هو تمرين تأهيلي فقط. لذلك يمكن أداؤه مثلاً 3 مرات يوميًا بين الوجبات. بعد بضعة أسابيع من التدريب، قد يجري المختص دراسة بلع بالأشعة أو تقييم سريري ليتأكد من تحسّن القوة العضلية في البلعوم ومن تحسن كمية البقايا بعد البلع.

بطبيعة الحال، يُنصح بأن يتم هذا التمرين تحت إشراف أخصائي في البداية للتأكد من فهم التقنية، ثم يمكن للمريض أداؤه لوحده بحذر في المنزل. إذا شعر المريض بألم غير معتاد أو استمر شعور عدم الارتياح الشديد لفترة طويلة بعد التمرين، يجب إبلاغ المختص فقد يوصي بتقليل الشدة أو التكرار.

إرشادات ونصائح إضافية للمرضى ومقدمي الرعاية

إلى جانب التمارين المذكورة أعلاه، هناك بعض الإرشادات التي تساعد مرضى عسر البلع بعد الجلطة على الأكل والشرب بأمان أكبر وتحسين فعالية التدريب:

  • الوضعية الصحيحة أثناء الأكل والتمارين: على المريض أن يجلس مستقيمًا بقدر الإمكان سواء عند إجراء تمارين البلع وأثناء تناول الطعام. الحفاظ على وضعية جلوس بزاوية 90 درجة يساعد الجاذبية في تمرير الطعام بأمان إلى الأسفل ويقلل فرص تسربه نحو مجرى التنفس. أيضًا يُنصح بالإبقاء على الرأس مائلًا قليلًا إلى الأمام (وضعية ثني الذقن) عند البلع، لأن هذه الوضعية وُجد أنها تحمي مجرى التنفس وتوجه الطعام نحو المريء بشكل أفضل في كثير من الحالات.
  • البدء بكميات صغيرة وقوام مناسب: خلال إعادة التأهيل، قد يحتاج المريض إلى اتباع حمية بأطعمة طرية سهلة البلع وسوائل سميكة قليلاً (إذا أوصى المختص بذلك) لتقليل خطر الاختناق. على مقدمي الرعاية تقديم لقيمات صغيرة وجرعات ماء محدودة وتشجيع المريض على البلع مرتين لكل لقمة إذا لزم الأمر. هذا يعطيه فرصة للتحكم ويقلل من تراكم الطعام في الفم أو البلعوم. ومع التحسن يمكن تدريجيًا العودة للقوام الطبيعي للأطعمة بحسب نتائج تقييم البلع.
  • التأنّي والصبر أثناء الوجبات: قد تكون عملية الأكل مرهقة ومُتباطئة في البداية. على المريض ومقدمي الرعاية تفهّم أن الوجبة قد تستغرق وقتًا أطول من المعتاد. يُنصح بأن يأخذ المريض فواصل راحة خلال الأكل، مثلاً بعد كل 3-4 لقمات يتوقف نصف دقيقة للتنفس والسعال الخفيف إن احتاج وتنظيف فمه قبل المتابعة. هذا يمنع الإرهاق ويحافظ على سلامة البلع. كذلك، من المفيد توزيع الطعام اليومي على وجبات أصغر وأكثر عددًا بدلًا من 3 وجبات كبيرة، لتقليل الجهد في كل وجبة.
  • مراقبة علامات الصعوبة: على مقدم الرعاية مراقبة علامات تدل على صعوبة البلع أو أي علامات خطر، مثل: السعال المتكرر أثناء الأكل، وتغير نبرة الصوت (بحة أو «غرغرة» بعد البلع تدل على وجود بقايا سائلة على الأحبال الصوتية)، أو تدفّق الدموع من العينين فجأة أثناء البلع (علامة على الاختناق الجزئي). عند رؤية هذه العلامات يجب إيقاف المريض عن الأكل فورًا، ومساعدته على تنظيف مجرى التنفس (مثلاً عبر السعال بقوة أو الشهيق بقوة) والتأكد من أنه تنفسه طبيعي قبل استئناف الطعام. في حال تكررت هذه العلامات كثيرًا رغم الالتزام بالتمارين، ينبغي إبلاغ الطبيب أو المعالج ليُعيد تقييم خطة التأهيل أو يعدل النظام الغذائي.
  • الاستمرار في التمرين والمتابعة الدورية: الاستمرارية دومًا هي المفتاح. تمارين البلع يجب أن تمارس بانتظام وفق الجدول الذي يوصي به الأخصائي، غالبًا يوميًا. التحسن قد يكون تدريجيًا وبطيئًا، لذا من المهم عدم اليأس. كذلك، يُستحسن متابعة تطور الحالة مع أخصائي التخاطب والبلع بشكل دوري.

عدد التكرارات والفترات الزمنية لتمارين عسر البلع

يفضّل أداء التمارين بانتظام مع أخذ فترات راحة كافية لمنع الإرهاق. كمثال عام، ابدأ بحوالي 5–10 تكرارات لكل تمرين في المرة الواحدة، ثم زد العدد تدريجياً مع تحسن القوة​​. كثير من البرامج تنصح بتقسيم التمارين على جلسات متعددة خلال اليوم (مثلاً 2–3 مرات يومياً)، مع التأكّد من الراحة​​. ومن المفيد كذلك تدوين سجل يومي بالتمارين (نوع التمرين، عدد التكرارات، أي أعراض) لمتابعة التقدم وتعديل البرنامج بالتعاون مع الأخصائي​​.

تحذيرات وملاحظات مهمة

قبل البدء بتمارين عضلات البلع، يجب استشارة أخصائي التخاطب والبلع للتأكّد من اختيار التمارين المناسبة للحالة. ينبغي التوقف فوراً إذا ظهرت أي أعراض غير مألوفة مثل: ألم شديد في الرقبة أو الصدر، أو دوار أو صعوبة في التنفس، أو سعال متكرر أثناء التمرين أو بعده.

هذه قد تكون علامات على إجهاد مفرط أو مشكلة طبية تتطلب فحصاً سريعاً. على العموم، يجب عدم ممارسة أي تمرين في وجود طعام أو شراب في الفم (ما عدا الذي تم وصفه كجزء من التمرين) لتجنب الخطر​​. وأي تسارع أو عدم ثبات في النبض أو تشتت ذهني أثناء أداء التمارين يستوجب التوقف واستشارة الطبيب.

في الختام، إن تمارين البلع بعد الجلطة الدماغية تمثل الأساس في خطة إعادة التأهيل لمساعدة المرضى على استعادة حياة طبيعية وآمنة. قدمنا في هذا المقال شرحًا مبسطًا لعدد من التمارين الشائعة والفعّالة، مع خطوات تطبيقية واضحة يمكن للمرضى ومقدمي الرعاية اتباعها.

تذكّر أن السلامة أولًا: قم بالتمارين بحذر، واتبع الإرشادات، واستشر المختصين.

المراجع العلمية

تم دعم المعلومات أعلاه بمجموعة من الدراسات والأبحاث الحديثة والموثوقة للتأكّد من صحتها، بما في ذلك دراسات سريرية حول فعالية تمارين اللسان​، ومراجعات منهجية لعلاج عسر البلع بعد السكتة​، وأبحاث حول تمرين شاكر لتقوية عضلات البلع​، وغيرها من المراجع المذكورة في متن الدليل.

الأسئلة الشائعة

ما هو علاج عسر البلع عند مريض الجلطة؟

يعتمد العلاج على شدة الحالة، لكنه غالبًا يشمل:
جلسات تأهيلية مع أخصائي التخاطب والبلع (Speech-Language Pathologist).
تمارين منزلية لتقوية عضلات البلع تحدد من قِبل الأخصائي.
تعديلات في كثافة الأكل والسوائل مثل تناول الأطعمة المهروسة والسوائل المكثفة لتقليل خطر الاختناق.
في بعض الحالات الشديدة، قد يحتاج المريض إلى أنبوب تغذية دائم أو مؤقت.

كيف أقوي عضلات البلع؟

بتكرار تمارين موجهة تساعد على تقوية عضلات البلع الدقيقة بحسب توصية أخصائي التخاطب والبلع.

متى يرجع اللسان طبيعي بعد الجلطة؟

تعتمد استعادة وظيفة اللسان على:
– موقع الجلطة (خصوصًا إذا أثّرت على العصب المسؤول عن اللسان أو مراكز التحكم الحركي في الدماغ).
– شدة الضرر العصبي.
– التدخل العلاجي المبكر.

في حالات كثيرة، يبدأ التحسن خلال أسابيع قليلة، وقد يستمر من 3 إلى 6 أشهر حسب استجابة الجسم. التمارين المخصصة لتحفيز حركة اللسان (مثل الدفع الأمامي، الجانبي، والضغط ضد الملعقة) قد تُسرّع من التعافي وتقلل من الضعف الحركي.

أضف تعليق