تُعَدّ اللغة أهم وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر، ويسهم الكلام في تيسير التواصل الإنساني واكتساب المعارف. لأن بعض الأطفال قد يواجهون تحدياتٍ في النطق واللغة، يبرز هنا دور اللعب بوصفه أداةً مهمة في جلسات علاج النطق والتخاطب؛ إذ يخلق بيئةً آمنةً وممتعةً تُشجّع الطفل على التواصل وتطوير مهاراته اللغوية، فضلاً عن دعم نموّه الاجتماعي والانفعالي بطريقةٍ ممتعةٍ وموجّهة. فما هي أبرز الأنشطة والألعاب التي تساعد على النطق وتطوير اللغة عند الأطفال؟ وكيف تختار الأنسب منها؟
ما هو العلاج باللعب؟

العلاج باللعب هو أسلوب علاجي منظّم وممنهج يستند إلى استخدام اللعب والأنشطة التفاعلية بوصفها وسائل للتعبير النفسي والتواصلي، وهو يستهدف الأطفال بمختلف فئاتهم العمرية بهدف مساعدتهم على تطوير مهاراتهم الإدراكية، وتنظيم مشاعرهم، وتعزيز مهاراتهم الاجتماعية، وتطوير سلوكيات إيجابية مثل حل المشكلات خلال اللعب إذ يُعَدُّ اللعب وسيلةً طبيعية لدى الطفل للتعبير عما يدور بداخله، بما في ذلك مخاوفه ورغباته وصراعاته الداخلية، دون الاعتماد الحصري على الكلمات.
يستخدم الأخصائيّون في العلاج باللعب ألعابًا وأدوات معيَّنة مثل الدُّمى، والرسوم، والقصص المصوَّرة، والأدوات الفنيّة والحركيّة. من خلال هذا الأسلوب، يستطيع الطفل استكشاف تفضيلاته ومشاعره بأمان، بينما يعمل المعالِج على توجيه التفاعل وفهم الدلالات الرمزية وراء سلوك الطفل أثناء اللعب.
مراحل اللعب عند الأطفال
يمكن تقسيم تطوّر اللعب عند الأطفال إلى مراحل أساسية يتدرّجون خلالها مع التقدّم في العمر ونضج القدرات، فيما يلي أبرز هذه المراحل وعلاقتها الوثيقة بالنطق وتطوّر اللغة:
1. اللعب الاستكشافي
يبدأ اللعب الاستكشافي غالبًا منذ الشهور الأولى في حياة الطفل ويستمر حتى عمر سنة ونصف أو نحو ذلك. في هذه المرحلة، يندفع الطفل نحو اكتشاف البيئة من حوله باستخدام حواسه المختلفة؛ إذ لا يتردّد في وضع الأشياء في فمه أو لمسها أو ملامسة الأسطح المحيطة. يتركّز اهتمامه على معرفة ما إذا كان الشيء يصدر صوتًا، أو ما هو ملمسه، أو كيف يبدو حين يحرّكه. من خلال هذه المحاولات الحسية، يتكوّن لديه وعي أوّلي بالأصوات والأشكال، ويبدأ بتشكيل خبرته الأولية عن العالم الخارجي.
يُعزِّز اللعب الاستكشافي القدرات الإدراكية واللغوية على نحو غير مباشر؛ فعندما يتعامل الطفل مع أشياء متنوعة ويتعرّف على خصائصها، يتعرّف في الوقت ذاته على التسميات التي يردّدها المحيطون به مثل “هذه كرة” أو “هذا كتاب”. وبمجرّد أن يربط الصوت أو الكلمة بالشيء الملموس، تزداد قدرته على فهم الألفاظ واستيعاب معانيها.
كما يساهم هذا النوع من اللعب في تحفيز السمع والتمييز الصوتي، ويشجّعه على إنتاج أصوات مبكّرة وتقليد ما يسمعه من كلمات بسيطة أو أصوات عشوائية، ما يمثل اللبنات الأولى للمهارات اللغوية اللفظية.
2. اللعب الوظيفي
ما إن يتجاوز الطفل عمر السنة والنصف حتى يصبح أكثر دراية بالأدوات والأشياء، ويبدأ باستخدامها بطريقةٍ قريبة ممّا صُمِّمت لأجله. فعلى سبيل المثال، قد يحاول شرب الماء من كوبٍ فارغ، أو يضع هاتفًا على أذنه وكأنّه يتحدث مع أحد، أو يدحرج سيارة صغيرة على الأرض. يعبّر هذا السلوك عما يسمّى باللعب الوظيفي، حيث يستخدم الطفل الأشياء بوظيفتها الحقيقية أو بما يشابهها في الواقع.
يتداخل اللعب الوظيفي مع علاج النطق وتأخر اللغة بشكل ملحوظ؛ إذ يزداد مخزون الطفل من المفردات المرتبطة بالأدوات والأفعال التي تمثّل استخداماته اليومية. في هذه المرحلة، نلحظ كيف يبدأ الطفل بتكوين عبارات قصيرة، أو على الأقل دمج كلمتين للتعبير عمّا يريد، مثل «سيارة بسرعة» أو «بابا يأكل».
كما يتحسّن استيعابه للتعليمات أو الأوامر البسيطة عندما يُطالَب مثلًا بجلب ملعقة أو وضع الكرة في الصندوق. بهذا، يكتسب الطفل مهاراتٍ لغوية إضافية في جوّ واقعي وممتع، ويتمكّن من تطوير عمليات الفهم والتعبير في آنٍ واحد.
3. اللعب التخيّلي
عندما يصل الطفل إلى عمر سنتين أو ثلاث، نبدأ بملاحظة بزوغ اللعب التخيّلي أو الرمزي. فجأةً، قد يحوّل الطفل ملعقةً إلى عصا سحرية، أو صندوقًا فارغًا إلى سفينة فضائية، أو يمثّل دور الطبيب والمريض مع دمية أو شقيقه الصغير. في هذه المرحلة، لا يكتفي الطفل بالمحاكاة الوظيفية للأشياء، بل ينتقل إلى تمثيل المواقف والخبرات الاجتماعية في عالمه الخاص، مستخدمًا الرموز والخيال.
يمنح اللعب التخيّلي الطفل فرصًا ثمينة لتطوير النطق واللغة؛ فحين يبتكر حكايةً أو يتقمّص شخصية، يحتاج إلى استخدام كلمات متنوعة وتراكيب لغوية متقدّمة للتعبير عن أفكاره ومشاعره الخيالية. كما يساعده على بناء سرد قصصي بسيط، يتمحور حول البداية والوسط والنهاية، ممّا يعزّز قدرته على تنظيم الجُمل وتسلسلها.
ينمي هذا الأسلوب مهاراتٍ حوارية متقدمة؛ إذ يتعيّن على الطفل في بعض الأحيان شرح عالمه الخيالي لمن حوله أو دعوة الآخرين للمشاركة في سيناريو وهمي، ما يفتح المجال لتوسيع المفردات ومرونة التعبير.
4. اللعب التشاركي
بعد عمر الرابعة، تتطوّر قدرات الطفل الاجتماعية واللغوية بشكلٍ يهيّئه للدخول في اللعب التشاركي مع أقرانه أو أفراد أسرته. يحضر الأطفال إلى جلسة لعبٍ جماعية، فيتفقون على توزيع الأدوار ويضعون قوانين بسيطة للعبة، كأن يقول أحدهم: «أنا سأكون البائع، وأنت الزبون»، وتظهر هنا قدرة الطفل على التفاوض اللغوي والتعبير عن رغباته وقبول الأدوار التي توزّع عليه.
في اللعب التشاركي، يتعزّز الجانب البراغماتي من اللغة؛ أي استخدام اللغة المناسبة في السياق المناسب. فالأطفال يتدرّبون على تبادل الأدوار الكلامية وتحفيز الآخرين على الإجابة، كما يتعلّمون آداب الحوار مثل الاستماع والانتظار قبل التحدّث.
على سبيل المثال، عندما يلعبون «بيت بيوت» معًا، يحتاج كل طفل إلى التعبير بوضوح عمّا يفعله، كسؤالٍ عن الطعام أو طلب مساعدة في إعداد المائدة. بهذا الشكل، تتحسّن لديهم المهارات التعبيرية ويتوسّع قاموسهم اللغوي، ويدركون أكثر أهمية التواصل لفظيًا لبناء التفاهم والمرح الجماعي.
أنشطة وألعاب لعلاج اضطرابات النطق عند الأطفال

فيما يلي أبرز الأنشطة والألعاب التي تساعد على تحسين المهارات اللغوية عند الأطفال، مصنّفةً حسب طبيعتها وكيفية توظيفها في تعزيز النطق وتطوير القدرات اللغوية بطريقةٍ ممتعة وتفاعلية:
الألعاب الحركية والأنشطة الحسية
تجمع هذه الفئة بين التفاعل الحركي والاستكشاف الحسي، ما يوفّر بيئة مشوّقة تدعم تكرار الأصوات والمفردات دون أن يشعر الطفل بالرتابة أو الملل.
اللعب الحركي (Physical Play)
- أمثلة:
- الغميضة: لعبة شائعة حيث يختبئ أحدهم وينادي الطفل باسمه أو عليه نطق صوتٍ محدد كلما اكتشفه.
- لعبة «أسمع واقفز»: يُطلب من الطفل القفز عندما يسمع كلمة مثل «نخلة» بدلًا من مجرد الإشارة.
- آلية التنفيذ:
- تحديد صوتٍ أو كلمةٍ (مثل /س/ أو كلمة «تمر») يردّدها الطفل قبل التحرك أو عند الإمساك به.
- إدخال عنصر التشويق: لا يتحرّك الطفل إلا إذا نطق الكلمة بالشكل الصحيح.
- كيف تساعد في علاج النطق:
- دمج الحركة مع الإصغاء والتكرار الصوتي في بيئة معتادة، ما يُعزّز الوعي السمعي-الحركي لدى الطفل.
- يرفع مستوى الحافز بسبب المنافسة والمرح الجماعي.
اللعب بالبيئة الخارجية (Outdoor Exploration)
- أمثلة:
- جولة في الحديقة العامة: أثناء المشي، يطلب المعالج/الوالد من الطفل تسمية الألعاب التي يراها أو الورود ووصف ألوانها.
- عدّ السيارات أو الدراجات: في الحي أو مكان عام، يشير الطفل إلى سيارة بلون معين مثلاً «سيارة بيضاء»، مع تكرار الحرف أو الصوت الذي يواجه صعوبة فيه.
- آلية التنفيذ:
- استخدام مفردات من البيئة المحلية: مثل «النخلة»، «القطة»، «السوق»، وهكذا.
- تشجيع الطفل على وصف ما يراه «نخلة طويلة» أو «قطة تمشي» إذا كان الهدف التدرب على بناء جمل بسيطة.
- الأثر على النطق:
- ربط المفردات بنماذج حية من البيئة القريبة يُثري القاموس اللغوي.
- يخفض التوتر عبر الانخراط في نشاط خارجي ممتع ومحفّز للحواس.
الألعاب اللغوية والكلامية
هذه الألعاب توظّف اللغة ذاتها بوصفها المحرك الأساسي للمرح، ما يتيح إثراء الحصيلة اللفظية وتحسين النطق في إطار التفاعل اللفظي الواضح.
لعبة «أنا أرى»
- أمثلة:
- «أنا أرى شيئًا يبدأ بصوت /ح/ … هل يمكن أن يكون حذاء؟ حرفيًّا أو شكليًّا؟» أو «أنا أرى شيئًا في البيت لونه أخضر ويستعمل في الطبخ (الخضروات؟)».
- آلية التنفيذ:
- يمكن الاستعانة بمفردات محلية أو عربية أصيلة (مثل «خُبز» أو «دلة»).
- يصف المعالج/الوالد الخاصية أو الحرف ويطلب من الطفل التعرّف على الشيء المناسب في المنزل أو الغرفة.
- كيف تساعد هذه الألعاب على النطق؟
- تعلُّم الربط بين الصوت والحرف واللغة الواقعية من البيئة المحلية.
- إثراء المفردات والأوصاف في أجواءٍ تفاعلية.
بطاقات الكلمات والصور
- أمثلة:
- ذاكرة المفردات: استخدام بطاقات تحمل صورًا لمأكولات شعبية («كبسة»، «جريش»، «تمر») أو منتجات محليّة، وعند تطابق بطاقتين ينطق الطفل الكلمة.
- ارفع البطاقة: يختار الطفل بطاقة تحوي مثلًا صورة «سجادة»، ثم يكرر لفظها ويضعها في جملة «هذه سجادة ملونة».
- آلية التنفيذ:
- اختيار مفردات ملائمة لبيئة الطفل.
- يحفّز المعالج الطفل على قول الكلمة مفردة ومن ثم في جملة قصيرة قبل الانتقال إلى البطاقة التالية.
- كيف تساعد هذه الألعاب على النطق؟
- توسيع المخزون اللغوي بعبارات وصور متصلة بحياة الطفل اليومية، فيرسّخ معناها ونطقها.
- تعزيز الذاكرة السمعية والبصرية في ذات الوقت.
الألعاب التفاعلية بالأصوات
تستهدف هذه الفئة «التمرين المُكثّف» على أصوات بعينها (Articulation Games)، فتدفع الطفل للتركيز على إخراج الصوت بدقة من دون إهمال المتعة.
ذاكرة الأصوات
- أمثلة:
- بطاقات مزدوجة تحوي الصوت /ر/ في أول الكلمات (مثل «رز»، «رطب»، «رمان»)، وعند التطابق يُطلب تكرار الصوت.
- آلية التنفيذ:
- يقلب الطفل بطاقتين؛ إذا تطابقتا، عليه نطق الكلمة 3-5 مرّات قبل الاحتفاظ بهما.
- يمكن التدرّج لإدخال كلمات أخرى في وسط ونهاية الكلمة.
- كيف تساعد هذه الألعاب على النطق؟
- يرسّخ الطفل المخرج الصوتي عبر تكرار مرح بدون شعور بالتلقين.
- تصبح الأصوات مألوفة لأنّها متصلة بمفردات البيئة، مثل كلمة «رز».
إعادة توظيف الألعاب اللوحية
- أمثلة:
- كاندي لاند: يتم استبدال بعض البطاقات أو إضافة ملصقات عربية تحمل كلماتٍ أو صورًا من الثقافة المحلية.
- عروستي: يمكن وضع بطاقات أصوات أسفل قطع اللعبة بحيث ينطقها الطفل قبل التحرك.
- آلية التنفيذ:
- تطبيق قاعدة: لن يتحرك الطفل إلى المرحلة التالية إلا إذا كرّر الصوت/الكلمة المطلوبة بعدد محدد.
- تشجيع الطفل بنظام نقاط أو ثيمات مفضلة أو ملصقات تراثية مثل “فنجان قهوة” لكل إنجاز.
- كيف تساعد هذه الألعاب على النطق؟
- يزيد معدل تكرار الأصوات المطلوبة ضمن سياقٍ تجريدي مرح.
- ينمّي الانضباط اللغوي لدى الطفل والتقيد بالقواعد.
الأنشطة التمثيلية (Role Play)
تمنح هذه الفئة الطفل مساحة للتخيّل وتمثيل الأدوار الحياتية، ما يدعوه لاستخدام قدراته اللغوية في حوارات تبدو حقيقية، فيكتسب جرأة وصقل مهارات النطق والتواصل.
الطبيب والمريض أو البائع والزبون بنمط تراثي
- أمثلة:
- تمثيل «المتجر الشعبي» (سوق التمر) حيث يطلب الطفل من «البائع» شراء نوع من التمر، مع التركيز على مخارج حروف كالصاد أو الظاء («أريد تمر صقعي» مثلًا).
- «العيادة»: الطفل يأخذ دور الطبيب، فيقول: «اشرح لي أين الألم؟» ويكرر المريض أصواتًا مستهدفة.
- آلية التنفيذ:
- توفير مفردات تعكس الحياة المحلية: (خيمة، دلة، بخور، عقال).
- توجيه الطفل لتأليف جُمل بسيطة، إما سؤالًا أو جوابًا، تتضمن الصوت المستهدف.
- كيف تساعد هذه الألعاب على النطق؟
- يساعد الطفل على استخدام الأصوات في سياق لغوي متنوع (جمل وأسئلة).
- يمرّن الثقة بالذات في الحوار، فيصبح النطق أكثر سلاسة وتلقائية.
«بيت بيوت» (Pretend Home)
- أمثلة:
- تمثيل دور الأم التي تُعدّ وجبة للعائلة، فيسمي الطفل المكونات («أرز»، «لحم»، «بهارات»).
- آلية التنفيذ:
- منح الطفل مجموعة أدوات طبخ لعبة وتمكينه من تنظيم حوار: «سأطبخ الأرز مع اللحم الآن».
- تصويب النطق في حال الخطأ، وتشجيعه على إعادة الجملة بصوتٍ واضح.
- كيف تساعد هذه الألعاب على النطق؟
- دمج الألفاظ المحلية بشؤون يومية، ما يحفّز التخزين اللغوي ويُحسّن وضوح المخارج.
- يشعر الطفل بالألفة أثناء اللعب في سيناريو قريب من منزله.
الألعاب اللوحية (Board Games)
توفر الألعاب اللوحية قالبًا مرحًا ومنظمًا يسمح بتكامل تمارين النطق مع قواعد اللعب المشوّقة.
لعبة «أعمدة الخيمة»
- أمثلة:
- تُستخدم قطع خشبية أو كرتونية تمثّل أعمدة يُبنى بها شكل الخيمة المتدرّج (أو البرج). تُكتب على كل قطعة كلمة أو حرفٌ يجب نطقه قبل سحبها أو إضافتها.
- آلية التنفيذ:
- تحديد الصوت/الحرف: مثلًا يركّز النشاط على الصوت /ر/؛ فتُكتب كلمات عربية تحتوي /ر/ («بر»، «خَرَوف»، «طريق») على الأعمدة.
- سحب العمود: ينطق الطفل الكلمة بركّيز على الصوت، وإذا نطقه جيدًا، يمكنه أن يسحب العمود أو يضعه في البناء دون عقاب.
- التحدّي: في حال أخطأ الطفل بالنطق، يُطلب منه إعادته أو فَقْد دوره. الهدف هو بناء الخيمة دون أن تسقط الأعمدة.
- كيف تساعد هذه الألعاب على النطق؟
- يزيد اندماج الطفل وسط التوتر المرح عند خشية سقوط الأعمدة، فيحاول التركيز على إخراج الصوت بدقة.
- إمكانية تكرار الكلمات أو الأصوات في كل دورة لعب، ما يعزّز استقرارها الذهني والنطقي.
لعبة «من صاحب الصورة؟»
- أمثلة:
- تُحضَّر صورٌ لشخصيّات معروفة (فنانين، رياضيين، أو أفراد من العائلة)، أو صور كرتونية لشخصيات محلية (رجل بالثوب والشماغ، امرأة ترتدي عباءة).
- كل صورة تُثبَّت على بطاقات صغيرة. يختار كل لاعب سرًّا صورة، وعلى الآخر اكتشاف الشخصية عبر طرح أسئلة.
- آلية التنفيذ:
- التركيز على الأصوات المستهدفة: قبل أن يطرح الطفل سؤاله، عليه نطق صوت معين (مثلاً /ض/) في كلمة من اختياره («ضوء» أو «ضفدع»).
- يمكن أن يكسب نقطة إضافية إذا نطق الصوت بشكلٍ واضح أو استطاع إدخاله في جملة («أنا رأيت ضفدع»).
- كيف تساعد هذه الألعاب على النطق؟
- يربط الطفل النطق الصحيح خلال التحدّي، فيُحسّن مخارج الحروف ويطوّر مهارته في التعبير الشفهي.
أنشطة فنية وحِرفية (Art & Craft)
تمتاز هذه الأنشطة بأنها تعزز الجانب الحسي والبصري عند الطفل، ما يهيئه لتلقّي المفردات والتدرّب على الأصوات بطريقة إبداعية فنية.
الرسم والتلوين حول الأصوات
- أمثلة:
- رسم خرائط لأشياء محلية: خريطة المملكة أو خريطة حي الطفل. داخل كل منطقة، يكتب الطفل كلمة تتضمن صوتًا معينًا، ثم يلوّنها.
- آلية التنفيذ:
- يكرّر الطفل نطق الكلمة/الصوت بصوتٍ مرتفع كلما انتهى من تلوين منطقة أو جزء من الصورة.
- كيف تساعد في علاج النطق؟
- ربط الأصوات بمشاهد مألوفة في بلده، فيسهل الاحتفاظ بها في الذاكرة.
صناعة الدمى (Puppets)
- أمثلة:
- صنع دمية بزي شعبي.
- صناعة شكل «جمل» بمواد بسيطة (ورق مقوى، أو أقمشة).
- آلية التنفيذ:
- الطفل يؤدي أصوات الحيوانات أو يحاور الدمية في حوار يتضمّن كلمات عربية محلية.
- كيف تساعد هذه الألعاب على النطق؟
- يرتاح الطفل للتعبير عبر الدمية، فيقلّ التوتر، ويركز على وضوح النطق.
- ينمّي المفردات عبر تمثيل مواقف اجتماعية من البيئة المحيطة.
الألعاب الرقمية والتطبيقات التعليمية
مواكبةً لتطوّر الأدوات الرقمية، يمكن توظيف بعض التطبيقات التفاعلية التي تستهدف الأصوات والتراكيب اللغوية، ما يجعل الأطفال ينجذبون لشاشات فيها تمارين لغوية أو صوتية.
تطبيقات النطق التفاعلية
- أمثلة:
- إمكانية استخدام تطبيقات عربية مخصصة لتعليم الحروف والنطق مثل «حروفي» أو تحميل محتوى لتعلّم أصوات الهجاء.
- تسجيل الطفل صوته ومطابقته بصوتٍ قياسي في كلمات عربية شائعة.
- آلية التنفيذ:
- تجزئة الدروس لأصوات معيّنة، وإعطاء الطفل حوافز في كل مرحلة ينجزها بإتقان.
- تشجيع الطفل على التمرّن يوميًّا في المنزل مع المتابعة من الوالدين.
- كيف تساعد في علاج النطق عند الأطفال؟
- الاستفادة من الشغف الرقمي للطفل للتركيز على الأصوات المطلوبة.
- توفير ملاحظات فورية على اللفظ، ما يسرّع من تصويب الأخطاء.
ألعاب الكلمات على الجهاز اللوحي
- أمثلة:
- لعبة الكلمات المتقاطعة: يبحث الطفل عن كلمات مثل «تمر»، أو «سوق»، أو «بخور» في شبكة حروف.
- لعبة مطابقة الكلمات: صور + حروف عربية، وعلى الطفل مطابقتها.
- آلية التنفيذ:
- يضغط الطفل على الكلمة المرادة وينطقها قبل الحصول على النقاط.
- كيف تساعد في علاج النطق عند الأطفال؟
- الدمج بين مهارتي القراءة والنطق يحفّز الجانب اللغوي المتكامل.
- يعزّز اهتمام الطفل بالكتابة والحروف في سياق عربي.
فوائد اللعب في جلسات النطق

فيما يلي أبرز الفوائد التي يقدّمها لعلاج النطق القائم على اللعب، وكيف ينعكس إيجابيًا على تقدم الطفل في مهارات الكلام واللغة:
- توفير بيئة مريحة وداعمة للتعلّم: خلق اللعب أجواءً غير رسمية، فيشعر الطفل براحة أكبر للمحاولة والتجريب دون خوف من الخطأ. عندما يتعامل الطفل مع وسيلة مرح، يصبح أكثر استعدادًا للتكرار والالتزام بتمارين النطق.
- تعزيز التكرار العفوي للأصوات والكلمات: من خلال اللعب، تتكرّر الأصوات المستهدفة أو المفردات اللغوية مرات عديدة بشكل عفوي، بدلًا من الأسلوب التقليدي القائم على التلقين المباشر. وكثرة التكرار في سياق مرح تُرسّخ كذلك النطق السليم في ذاكرة الطفل الحركية والسمعية.
- تنمية المفردات والتراكيب اللغوية: أثناء اللعب، يتعرّض الطفل لمفرداتٍ جديدة (أسماء أشياء، أوصاف، أفعال)، ما يغني رصيده اللغوي، وكما توفّر بعض الألعاب (خصوصًا التمثيلية والتشاركية) فرصة للطفل كي يستخدم الجُمَل البسيطة أو المركّبة في سياق تواصل فعلي.
- تنمية المهارات الاجتماعية والتفاعلية: في ألعاب الفريق أو الدور الواحد، يتدرّب الطفل على الصبر واحترام دور الآخرين والمساهمة بالكلام في الوقت المناسب. وغالبًا ما يحتاج الطفل خلال اللعب إلى طلب شيء أو الإجابة عن سؤال، ما يقوّي مهاراته في التواصل الاجتماعي.
- تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز المستمر: يلمس الطفل تحسّنه حين يتمكن من نطق الصوت بشكل صحيح أو يستخدم كلمة جديدة في لعبةٍ ما، فيكتسب ثقة أكبر. واللعبة بحدّ ذاتها تمثّل مكافأة فورية حين يلاحظ الطفل تفاعل الآخرين وتشجيعهم.
- قابلية التعميم إلى مواقف الحياة اليومية: عندما يعتاد الطفل على استخدام المفردات أو الأصوات في اللعبة، يسهل عليه نقل هذه المهارات إلى حواراته ومحادثاته في البيت أو المدرسة. وكما يتعلم الطفل تطبيق ما اكتسبه من مهادات في سياق طبيعي بانخراطه في اللعب مع أقران أو أفراد الأسرة.
كيف أختار اللعبة المناسبة لطفلي؟
فيما يلي مجموعة من الإرشادات تساعدكِ أو تساعدكَ في اختيار اللعبة الأنسب لعلاج النطق عند الطفل، بحيث تُحفِّز اهتمامه وتلبي أهدافه اللغوية في آنٍ واحد:
- راعِ مستوى الطفل اللغوي وعمره
قبل كل شيء، تأكّد من أن مستوى صعوبة اللعبة يتوافق مع قدرات الطفل. إذا كانت اللعبة أعلى من قدرته، فسيشعر بالإحباط؛ وإن كانت بسيطة جدًا، قد يمل بسرعة ولا يحقق الاستفادة المنشودة.
انظر إلى عمر الطفل ومرحلة تطوّره النطقي؛ فبعض الألعاب تناسب أطفالًا دون الثالثة (مثل الأنشطة الحركية الخفيفة) وأخرى تناسب من هم أكبر سنًا (ألعاب البطاقات أو الألغاز المعقّدة قليلًا).
- حدّد الهدف النطقي أو اللغوي المراد تطويره
اسأل نفسك: ما الصوت/الأصوات التي يحتاج الطفل إلى التدرّب عليها؟ هل يواجه صعوبة في تركيب الجُمَل أم في تمييز الأصوات؟
اختر لعبة تركّز على هذه المهارة بعينها؛ فإن كان الهدف تكرار صوتٍ معيّن (مثل /س/) فابحث عن لعبة تتطلب نطق كلماتٍ بهذا الصوت بشكل متكرر، وإذا كان الهدف بناء جُمَل قصيرة، فاختر لعبة تستلزم الحوار أو طرح الأسئلة والإجابة عليها.
- انتقِ لعبة جذّابة ومناسبة لاهتمامات الطفل
ينفر الطفل من أي نشاطٍ لا يستثير فضوله. لذا، تعرّف على هواياته؛ إذا كان يحب السيارات، ربما تنجح لعبة سباق صغيرة تحتاج إلى نطق أصوات أو كلمات قبل تحريك السيارة. إن كان يفضّل الحيوانات، قد تلائمه لعبة مزرعة أو بطاقات حيوانات. يمكنك أيضًا توظيف الألعاب التراثية أو القصص المحلية إذا كان الطفل يميل للأجواء الثقافية المألوفة.
- احرص على سهولة القواعد وسرعة الأدوار
الألعاب المطوّلة التي تحتوي على تعقيدات كثيرة تشغل الطفل عن هدف النطق الأساسي. والأفضل اختيار ألعاب سريعة الأدوار تتيح فرصًا للتكرار المكثف، مثل لعبتي “اصطاد الكلمات” أو أنشطة بطاقات الذاكرة.
إن كانت لعبة جماعية، تأكّد من أن كل طفل يتلقى ما يكفي من الفرص للنطق وتمرين الأصوات، بدلًا من أن ينشغل الطفل في انتظار دوره الطويل دون ممارسة.
- جرّب تكييف الألعاب المعروفة لتلائم هدفك النطقي
بدلًا من شراء ألعاب باهظة الثمن مصممة خصيصًا للنطق، يمكنك إعادة توظيف ما تملك من ألعاب في المنزل عبر إضافة قاعدة بسيطة. مثلًا: في لعبة لوحية (Board Game)، لن يتحرّك الطفل إلا بعد نطق الكلمة أو الصوت بشكلٍ صحيح. يمكنك كذلك ابتكار ألعاب بسيطة بنفسك (البطاقات، قصاصات ورق) بحيث تركز على الأصوات المراد تدريبها.
- اختبر تجاوب الطفل وعدّل إن لزم الأمر
بعد اختيار اللعبة وبدء الجلسة، راقب مدى تفاعل الطفل. هل هو مستمتع؟ هل ينطق الأصوات المطلوب التدرّب عليها بصورة كافية؟ أم يبدو عليه الملل أو الحيرة؟ إذا وجدت علامات عدم الاهتمام أو عدم التحدي الكافي، غيّر بعض القواعد أو جرّب لعبة أخرى تدعم هدف النطق بشكل أفضل.
ختامًا، بتطبيق هذا التنوع الكبير في الألعاب والأنشطة، يستطيع أخصائيو النطق والآباء تحويل تدريبات النطق إلى رحلة مليئة بالحماس والتعلّم النشط، فكلما تغيرت الأدوات وتنوّع محتوى اللعب –بين الحركي والحسّي واللغوي والتمثيلي والفني والرقمي– زادت فرص استمتاع الطفل وترسّخت المفردات والأصوات المستهدفة في عقله ومخارج حروفه. إنّ مزج المرح في كل خطوة من خطوات النطق واللغة يجعل عملية العلاج أكثر إنتاجية، ويوفّر أرضيةً لتطبيق هذه المهارات في الحياة اليومية بثقةٍ وتلقائية أكبر.
اقرأ ايضا عن :كيف تختار أخصائي نطق وتخاطب مناسب لطفلك؟
الأسئلة الشائعة
ما هي الألعاب التي تساعد الطفل على الكلام؟
هناك العديد من الألعاب المفيدة لتنمية النطق، منها الألعاب الحركية، والألعاب اللغوية (مثل بطاقات الصور والمفردات)، والألعاب التمثيلية (كالطبيب والمريض)، وغيرها. كما يمكن استخدام ألعاب رقمية أو تطبيقات نطق تفاعلية تشجّع على تكرار الأصوات في قالب مرح.
ما هو علاج ضعف النطق؟
علاج ضعف النطق (أو اضطرابات النطق) يتضمّن خططًا وبرامج يشرف عليها أخصائي النطق واللغة. يركّز على تمارين لتصحيح مخارج الحروف، وتطوير الوعي الصوتي، وتدريب العضلات المسؤولة عن الكلام. كما قد يشمل التدريب على بناء الجُمَل، وتقوية المفردات، واستخدام أساليب لعب متنوّعة (حركية، وحسية، ورقمية) لجعل الطفل يمارس الأصوات باندفاع ومرح. في بعض الحالات، يحتاج الأمر لتعاون فريق متعدد التخصصات يشمل طبيبًا وأخصائي نطق ومعلمًا وأهل الطفل.
كيف تعزز مهارات طفلك اللغوية؟
تعزيز اللغة لدى الطفل يعتمد على مجموعة خطوات، أبرزها:
التكلّم معه بوضوح وبطريقة مبسّطة، وتسمية الأشياء باستمرار.
استعمال الألعاب والقصص والأغاني التي تتطلب منه التفاعل والنطق.
تشجيعه على تكوين جُمَلٍ قصيرة مع منحه وقتًا كافيًا للردّ.
تجنّب المقاطعة أو انتقاد أخطائه بصورة جارحة؛ بل تصويبها بلطف وتكرار الشكل الصحيح.
المتابعة مع أخصائي النطق عند اللزوم للاطمئنان على مستوى تقدّمه واكتساب الأدوات المناسبة.
ما هو الفيتامين المسؤول عن النطق؟
لا يوجد فيتامين وحيد يُشار إليه بوصفه «المسؤول عن النطق» تحديدًا؛ إذ يعتمد النمو اللغوي والكلامي على سلامة الجهاز العصبي ووظائف الدماغ عمومًا، إلى جانب الجوانب البيئية والتربوية. في المقابل، تساهم بعض الفيتامينات والمعادن في «دعم» التطور العصبي والجسدي؛ مثل:
فيتامين د: مهم لصحة العظام والأعصاب، ويساعد في الحفاظ على نمو عام سليم.
فيتامينات ب (مثل B12 وB6): تساهم في عمل الجهاز العصبي وصحة الخلايا العصبية.
أحماض أوميغا 3 الدهنية: تساعد في دعم وظائف الدماغ وتعزيز التواصل العصبي.
مع ذلك، يبقى العامل الأهم في تطوير النطق هو التدريب اللغوي الصحيح (من خلال الأنشطة والألعاب والتفاعلات اليومية) إلى جانب التأكّد من سلامة حاسة السمع والمتابعة مع أخصائي النطق عند وجود تأخر أو اضطراب واضح في الكلام.
متى يعتبر الطفل متأخر عن الكلام؟
كل طفل فريد في تطوّره اللغوي. لكن كمؤشر عام، إذا لم يبدأ الطفل بإصدار كلماتٍ بسيطة عند عمر سنة ونصف إلى سنتين، أو لم يشكل جملاً بسيطة بعمر 2-3 سنوات، فقد يكون متأخّرًا عن المعدّل الشائع. في هذه الحالات، يُفضّل استشارة أخصائي نطق ولغة لتقييم وضعه بدقة والتأكّد من عدم وجود أسباب أخرى (مثل مشاكل سمعية أو صحية).
المصادر:
- Play and Speech Therapy in Schools: (2017), Suzan E. Weishof
- American Speech-Language-Hearing Association
- Paul, R. (2013). Language Disorders from Infancy Through Adolescence.
- Treatment for Childhood Apraxia of Speech: Past, Present, and Future
- ASHA: Activities to Encourage Speech and Language Development