مركز بداية

وضع تصور لتقييم الكلام واللغة المستجيب ثقافيًا للأطفال الناطقين باللغتين العربية والإنجليزية

مع تزايد التنوع الثقافي واللغوي في المجتمعات المعاصرة، أصبحت الحاجة ملحّة لتطوير أدوات تقييم للكلام واللغة تراعي الخلفيات اللغوية والثقافية للأطفال ثنائيي اللغة. يواجه الأخصائيون تحديًا كبيرًا عند تقييم الأطفال الناطقين باللغتين العربية والإنجليزية، نظرًا لاختلاف البنية اللغوية، وأنماط النطق، والمعايير الاجتماعية بين اللغتين والثقافتين. إن وضع تصور لتقييم مستجيب ثقافيًا يهدف إلى ضمان العدالة والدقة في التشخيص، وتجنب الخلط بين صعوبات التعلم الطبيعية الناتجة عن الازدواج اللغوي وبين اضطرابات النطق أو اللغة الحقيقية.

أهمية الاستجابة الثقافية في التقييم

التقييم المستجيب ثقافيًا لا يقتصر على معرفة لغة الطفل، بل يشمل:

1. فهم البيئة الثقافية التي ينشأ فيها الطفل، بما في ذلك العادات والتقاليد وقيم المجتمع.

2. الوعي بالفروق اللغوية بين العربية والإنجليزية من حيث الأصوات، القواعد، والمفردات.

3. تجنب التحيز اللغوي الذي قد يؤدي إلى تشخيص خاطئ أو غير دقيق.

4. دعم الهوية اللغوية للطفل وعدم إقصاء أي من اللغتين في عملية التقييم.

التحديات في تقييم الأطفال ثنائيي اللغة

التداخل اللغوي (Language Transfer): انتقال بعض الخصائص النحوية أو الصوتية من لغة إلى أخرى، ما قد يُفسَّر خطأً كاضطراب.

الاختلاف في معايير النمو اللغوي: معايير التقييم التي تُبنى على لغة واحدة قد لا تنطبق على طفل يتعلم لغتين في آن واحد.

قلة الاختبارات المعيارية المصممة للأطفال الناطقين بالعربية والإنجليزية معًا.

تأثير البيئة المنزلية والمدرسية: حيث قد يختلف مستوى التعرض لكل لغة بين المنزل والمدرسة.

تصور مقترح للتقييم المستجيب ثقافيًا

1. جمع البيانات المسبقة (Pre-Assessment Data)

• مقابلة الوالدين أو مقدمي الرعاية لفهم تاريخ التعرض لكل لغة.

• تحديد مواقف استخدام اللغتين في حياة الطفل.

• فهم الخلفية الثقافية للأسرة والقيم الاجتماعية المؤثرة في التواصل.

2. اختيار أدوات تقييم ثنائية اللغة

• استخدام أدوات تم تكييفها أو تطويرها خصيصًا للأطفال الناطقين بالعربية والإنجليزية.

• الجمع بين التقييم الرسمي (الاختبارات المعيارية) والتقييم غير الرسمي (الملاحظة، تحليل عينات الكلام).

3. تحليل الأداء اللغوي في السياقين

• تقييم مهارات النطق والصوتيات في كلتا اللغتين، مع مراعاة الفروق الطبيعية بين الأصوات العربية والإنجليزية.

• قياس المفردات في السياقين المنزلي والمدرسي.

• تحليل البنية النحوية في كل لغة.

4. الاعتماد على التقييم الديناميكي (Dynamic Assessment)

• التركيز على قابلية الطفل للتعلم عند تقديم الدعم أو التلميح، بدل الاعتماد فقط على الأداء اللحظي.

5. إشراك الأسرة في عملية التقييم

• طلب تسجيلات صوتية أو فيديوهات للطفل في مواقف تواصل طبيعية.

• مناقشة النتائج مع الأسرة بلغة واضحة تراعي الجانب الثقافي.

• تقليل احتمالية التشخيص الخاطئ.

فوائد التصور المقترح

• توفير صورة شاملة لقدرات الطفل في بيئتين لغويتين وثقافيتين.

• دعم عملية التدخل العلاجي لتكون أكثر ملاءمة لاحتياجات الطفل الحقيقية. • تعزيز التعاون بين الأخصائي والأسرة والمدرسة.

خاتمة

إن وضع تصور لتقييم الكلام واللغة المستجيب ثقافيًا للأطفال الناطقين باللغتين العربية والإنجليزية ليس مجرد تعديل على أدوات الاختبار، بل هو إطار شامل يدمج المعرفة اللغوية والثقافية والنفسية لضمان تقييم عادل ودقيق. من خلال هذا النهج، يمكن للأخصائيين تقديم خطط علاجية أكثر فعالية، تدعم النمو اللغوي للطفل وتحتفي بتنوعه الثقافي.

أضف تعليق