مركز بداية

ما هو عسر الكلام الأبراكسيا؟

هل سبق لك أن عانيت من تلك اللحظة المحرجة عندما تعرف ما تريد قوله، ولكن الكلمات تتعثر في حلقك؟ هذا هو تحدي يومي للأطفال والبالغين الذين يعانون من عسر الكلام الابراكسيا، وهو اضطراب عصبي يجعل التحدث مهمة شاقة، على الرغم من أنهم يفهمون اللغة تمامًا، فكيف تعالجه وتتخطاه؟

ما هو عسر الكلام الابراكسيا؟

عسر الكلام (Apraxia of Speech)، أو الأبراكسيا الكلامية، هو اضطراب نادر في النطق الحركي، يعاني المصابون به من صعوبة في تنسيق حركات الفم واللسان والشفتين اللازمة لإنتاج الأصوات والكلمات بشكل صحيح، على الرغم من فهمهم التام لما يريدون قوله، يحدث هذا بسبب خلل في الإشارات العصبية بين الدماغ وأعضاء النطق، مما يؤدي إلى صعوبة في تخطيط وتنفيذ الحركات الدقيقة اللازمة للتحدث.

عسر الكلام الابراكسيا عند الأطفال

يعتبر عسر الكلام الابراكسيا أكثر شيوعًا عند الأطفال، وقد يؤثر بشكل كبير على تطورهم اللغوي والاجتماعي، وقد يظهر الأطفال المصابون بهذه الحالة تأخرًا في الكلام أو صعوبة في إنتاج الكلمات والجمل بشكل واضح. قد يلاحظ الأهل أيضًا أن الطفل يبذل جهدًا كبيرًا للتحدث، وقد يصدر أصواتًا غير مفهومة أو يكرر المقاطع والكلمات.

عسر الكلام الابراكسيا عند البالغين

على الرغم من أن عسر الكلام الابراكسيا غالبًا ما يبدأ في مرحلة الطفولة، إلا أنه يمكن أن يصيب البالغين أيضًا، عادةً نتيجة لإصابة دماغية مثل السكتة الدماغية أو الورم، وقد يعاني البالغون المصابون بالأبراكسيا من صعوبة في التحدث بوضوح وفهم الكلام، مما يؤثر على حياتهم اليومية والمهنية وعلاقاتهم الاجتماعية.

الفرق بين الابراكسيا واضطرابات النطق الأخرى

يتشابه عسر الكلام مع بعض اضطرابات الأخرى مثل التلعثم وعسر التلفظ (Dysarthria)، ولكن هناك فروق رئيسية بين هذه الحالات. في حالة التلعثم، يعاني الشخص من تكرار أو إطالة الأصوات أو المقاطع أو الكلمات، بينما في عسر التلفظ تكون المشكلة في ضعف عضلات النطق، مما يؤدي إلى كلام غير واضح أو مشوه. أما في عسر الكلام الابراكسيا، فالمشكلة تكمن في تخطيط وتنفيذ حركات النطق، حتى لو كانت عضلات النطق سليمة.

أسباب تعذر الأداء اللفظي

لا يزال السبب الدقيق وراء الابراكسيا غير معروف تمامًا، ولكن يُعتقد أن هناك عدة عوامل قد تساهم في حدوثه، منها:

  • العوامل الوراثية: تشير بعض الدراسات إلى وجود استعداد وراثي للإصابة بعسر الكلام الابراكسيا، حيث يلاحظ وجود تاريخ عائلي للحالة في بعض الحالات.
  • إصابات الدماغ: يمكن أن تؤدي إصابات الدماغ، مثل السكتة الدماغية أو الورم أو الصدمات، إلى تلف المناطق المسؤولة عن تخطيط وتنفيذ حركات الكلام، مما يؤدي إلى عسر الكلام الابراكسيا.
  • اضطرابات النمو العصبي: قد يرتبط عسر الكلام الابراكسيا في بعض الأحيان باضطرابات نمائية عصبية أخرى، مثل التوحد أو الشلل الدماغي أو متلازمة داون.
  • أسباب أخرى: في بعض الحالات قد لا يكون هناك سبب واضح لعسر الكلام الابراكسيا.

أعراض عسر الكلام أو الابراكسيا

تختلف أعراض عسر الكلام الابراكسيا من شخص لآخر، وقد تتراوح بين الخفيفة والشديدة. قد تظهر الأعراض في مرحلة مبكرة من الطفولة، أو قد تظهر لاحقًا في الحياة نتيجة لإصابة دماغية. تشمل بعض الأعراض الشائعة:

  • صعوبة في نطق الكلمات: قد يجد المصاب صعوبة في نطق الكلمات، خاصةً الكلمات الطويلة أو المعقدة أو غير المألوفة. قد يلاحظ الأهل أن الطفل يتأخر في الكلام أو ينطق الكلمات بشكل غير واضح أو مشوه.
  • التلعثم والتكرار: قد يتلعثم الشخص المصاب أو يكرر الأصوات أو المقاطع أو الكلمات بشكل غير إرادي.
  • تشويه الأصوات: قد ينطق المصاب الأصوات بشكل غير صحيح أو مشوه، وقد يجد صعوبة في التحكم في حدة الصوت ونبرته وإيقاعه.
  • صعوبة في الانتقال بين الأصوات: قد يجد المصاب صعوبة في الانتقال بسلاسة من صوت إلى آخر داخل الكلمة، مما يؤدي إلى كلام متقطع أو بطيء.
  • الإحباط وصعوبة التواصل: قد يشعر المصاب بالإحباط بسبب صعوبة التعبير عن نفسه، وقد يتجنب التحدث أو يعتمد على الإيماءات وتعبيرات الوجه للتواصل. قد يؤثر ذلك على ثقته بنفسه وتفاعله الاجتماعي.

تشخيص عسر الكلام أو تعذر الأداء اللفظي

  • يعتمد تشخيص عسر الكلام الابراكسيا على تقييم شامل لقدرات الشخص اللغوية والنطقية، ويقوم به عادةً أخصائي أمراض النطق واللغة. قد يتضمن التقييم:
  • ملاحظة طريقة التحدث: يلاحظ الأخصائي طريقة تحدث الشخص، بما في ذلك وضوح الكلام، والقدرة على إنتاج الأصوات والكلمات المختلفة، والطلاقة في الكلام.
  • اختبار القدرة على تقليد الأصوات والكلمات: يطلب الأخصائي من الشخص تكرار أصوات وكلمات معينة لتقييم قدرته على التحكم في حركات النطق.
  • تقييم فهم اللغة: يقيم الأخصائي قدرة الشخص على فهم اللغة المنطوقة والمكتوبة، وذلك للتأكد من أن الصعوبات في التحدث ليست ناتجة عن مشاكل في فهم اللغة.
  • استبعاد الأسباب الأخرى: قد يقوم الأخصائي بإجراء فحوصات إضافية، مثل فحوصات السمع أو التصوير الدماغي، لاستبعاد أي أسباب أخرى محتملة لصعوبات النطق.

علاج الابراكسيا الكلامية

لا يوجد علاج شافٍ لعسر الكلام الابراكسيا، لكن علاج النطق يمكن أن يساعد بشكل كبير في تحسين مهارات التحدث والتواصل. يركز العلاج على مساعدة الشخص على تعلم كيفية تخطيط وتنفيذ حركات النطق اللازمة لإنتاج الأصوات والكلمات بشكل صحيح. قد يتضمن العلاج أيضًا:

  • تمارين لتقوية عضلات النطق: قد يحتاج بعض الأشخاص إلى تمارين لتقوية عضلات الفم واللسان والشفتين لتحسين قدرتهم على التحكم في حركات النطق.
  • استراتيجيات للتواصل: يمكن أن يساعد العلاج في تعليم الشخص استراتيجيات للتواصل بفعالية، مثل استخدام لغة الإشارة أو التواصل البديل والتكميلي (AAC) في الحالات الشديدة.
  • الدعم النفسي: قد يحتاج الشخص المصاب بعسر الكلام الابراكسيا إلى دعم نفسي للتعامل مع الإحباط والصعوبات الاجتماعية التي قد يواجهها.

نصائح للتواصل مع شخص مصاب بعسر الكلام

  • كن صبورًا: امنح الشخص وقتًا كافيًا للتعبير عن نفسه، ولا تقاطعه أو تحاول إكمال كلامه نيابة عنه.
  • استمع بانتباه: ركز على ما يحاول الشخص قوله، وليس على طريقة قوله.
  • تحدث بوضوح وببطء: استخدم جملًا قصيرة وبسيطة، وتحدث ببطء ووضوح.
  • لا تتظاهر بالفهم إذا لم تفهم: اطلب من الشخص تكرار ما قاله بطريقة أخرى أو شرح ما يقصده إذا لم يكن واضحًا.
  • استخدم وسائل التواصل الأخرى: إذا كان الشخص يواجه صعوبة في التحدث، ففكر في استخدام وسائل تواصل أخرى، مثل الكتابة أو الرسم أو لغة الإشارة.
  • لا تركز على الخطأ: ركز على ما يقوله الشخص، وليس على كيفية قوله.
  • كن متفهمًا: تذكر أن عسر الكلام الابراكسيا يمكن أن يكون محبطًا للشخص المصاب، لذا كن متفهمًا وداعمًا.

دعم الطفل المصاب بعسر الكلام الابراكسيا

يلعب الأهل دورًا حيويًا في دعم الطفل المصاب بعسر الكلام الابراكسيا. إليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك:

  • التشجيع والصبر: من المهم أن تكون صبورًا ومشجعًا لطفلك، وأن تمنحه الكثير من الفرص للتحدث والتعبير عن نفسه، حتى لو كان كلامه غير واضح. احتفل بأي تقدم يحرزه، مهما كان صغيراً.
  • التواصل الواضح: تحدث ببطء ووضوح إلى طفلك، واستخدم جملًا قصيرة وبسيطة وسهلة الفهم. تجنب استخدام اللغة المعقدة أو المصطلحات الصعبة.
  • الاستماع الفعال: امنح طفلك وقتًا كافيًا للتعبير عن نفسه، واستمع إليه باهتمام حتى لو كان كلامه غير واضح. حاول أن تفهم ما يحاول قوله من خلال تعبيرات وجهه ولغة جسده.
  • التعاون مع أخصائي النطق: اعمل بشكل وثيق مع أخصائي النطق لمتابعة تقدم طفلك وتطبيق التمارين المنزلية الموصى بها. قد تحتاج إلى حضور جلسات العلاج مع طفلك للمشاركة في التمارين وتعلم كيفية دعمه في المنزل.
  • توفير بيئة داعمة: امنح طفلك بيئة منزلية داعمة ومشجعة، حيث يشعر بالراحة والأمان للتحدث والتعبير عن نفسه دون خوف من الحكم أو السخرية. شجعه على التفاعل مع الآخرين، ووفر له فرصًا للمشاركة في الأنشطة التي يستمتع بها.
  • التعليم والتوعية: قد يكون من المفيد تثقيف نفسك حول عسر الكلام الابراكسيا، وكذلك تثقيف أفراد الأسرة والمعلمين والأصدقاء حول حالة طفلك. سيساعد هذا في توفير بيئة داعمة للطفل وتجنب سوء الفهم.

في الختام، عسر الكلام الابراكسيا هو تحدٍّ، لكنه ليس نهاية المطاف. بالتشخيص المبكر والعلاج المناسب والدعم الأسري، يمكن للأطفال والبالغين المصابين بهذه الحالة أن يتعلموا التحدث والتواصل بشكل فعال، وأن يعيشوا حياة سعيدة وناجحة. تذكر أن الدعم والتفهم والصبر هي مفاتيح مساعدة هؤلاء الأشخاص على تحقيق أهدافهم والتغلب على التحديات التي يواجهونها.

أضف تعليق